مداخلتان حول الحوار الوطني الثالث
نشرت صحيفة عكاظ السعودية مداخلتان للأستاذ زكي الميلاد بمناسبة انعقاد اللقاء الفكري للحوار الوطني الثالث, والذي تحدد موضوعه حول المرأة ( المرأة حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك ) وعقد بالمدينة المنورة في الفترة ما بين 12 ـ 14 حزيران / يونيو 2004م.
المداخلة الأولى وكانت حول مفهوم الحوار الوطني, وكيف يتحول الحوار الوطني إلى مفهوم له بنيته النسقية المكتملة, ومكوناته الناضجة, وتركيبته الثرية, لكي يحافظ على زخمه وديناميته, ويكون باعثا على تجديد وتطوير الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية.
وقد نشرت هذه المداخلة, في اليوم الثاني من أعمال اللقاء الفكري, الأحد 13 يونيو 2004م.
والمداخلة الثانية وكانت حول التوصيات التي صدرت عن هذا اللقاء, قراءة فيها, وفي أبعادها ومنطقها العام. وقد نشرت هذه المداخلة يوم الأربعاء 16 يونيو 2004م, وهذا نصها:
لو أردنا أن نحدد الإطار العام لفكرة اللقاء الوطني للحوار الفكري الثالث حول موضوع المرأة لكان بالامكان القول, أو هكذا المفترض أنه يأتي في سياق بلورة وصياغة تصور وطني للإصلاح في مجال المرأة, بما يتناغم ويتكامل مع اتجاه الإصلاح الوطني العام والشامل على مستوى الوطن, هذا من جهة. ومن جهة أخرى كان يفترض من هذا اللقاء, أن يكون الإطار الذي يتمثل ويستوعب النقاشات الفكرية والنقدية الواسعة والمفعمة في داخل المجتمع السعودي حول قضايا المرأة, والتي تنامت وتكثفت في السنوات القليلة الماضية. ليكون هذا اللقاء مرحلة متقدمة, يصعد بتلك النقاشات, ويتقدم بتراكماتها, وينطلق منها, ويتأسس عليها.
ولقد اطلعت على التوصيات فهي على أهميتها وقيمتها, إلا أنها اتصفت بنوع من الحذر الشديد, وهو الحذر الذي يهيمن على الاتجاه العام في النظر لقضايا المرأة. كما أنها اتصفت بنوع من الإطلاق الناشئ من الحذر الشديد أيضا. والتأكيد على مسلمات بديهية وأولية جداً كالتوصيات الثلاث الأولى, وهي التأكيد على دور المرأة في المجتمع سواء على صعيد الأسرة أو على صعيد المجتمع, والتأكيد في حق المرأة الشرعي في الزواج, والتأكيد على أن العلاقة تقوم بين الجنسين (الذكر والأنثى) على أساس التكامل والتوافق وفق ما بينت الشريعة الإسلامية.
فهذه التوصيات الثلاث ليست في حقيقتها وجوهريتها توصيات, وإنما هي مسلمات وبديهيات وكليات عامة ومطلقة كان يفترض أن تكون في ديباجة التوصيات, وليس في منزلة التوصيات. ولو فرضنا أنها في منزلة التوصيات فالمفترض أنها تمثل توصية واحدة بضم بعضها إلى بعض, باعتبارها تعبر عن أمر كلي عام ومشترك. وهكذا الحال مع البند العاشر والحادي عشر كانا بحاجة إلى ضم, والتعبير عنهما في توصية واحدة.
وغاب عن التوصيات ضرورة إنشاء مراكز للدراسات والبحوث تكون متخصصة بقضايا المرأة, وبتنمية وتطوير دورها ومشاركتها في الشأن العام.
ولا أعلم كيف سوف تنظر المرأة لهذه التوصيات, لكن أتوقع أنها كانت تترقب ما هو أكثر من ذلك, وأكثر تعبيراً عن نظرتها لطموحاتها ومستقبلها في هذا الوطن العزيز. وبالتأكيد فإن هذا اللقاء ليس خاتمة النقاش حول المرأة, فقد يكون بدايته.