16 ـ 1 ـ 2005م

مداخلة حول من هو الآخر؟

نشرت صحيفة عكاظ السعودية, وجهات نظر لعدد من المثقفين السعوديين حول إشكالية مفهوم الآخر, وكيف يمكن فهم هذا الآخر, وضرورة وجود معرفة بالآخر فكرا وممارسة. ومن بين المشاركين الأستاذ زكي الميلاد, الذي قال: أن مسألة الآخر بحاجة إلى ضبط وتقعيد معرفي وأخلاقي أيضاً. الجانب المعرفي يتصل بتكوين الفهم بهذا الآخر, والجانب الأخلاقي يتصل بطبيعة العلاقة بهذا الآخر. بمعنى أن هناك صورتين إلى الآخر, صورة نظرية وصورة عملية. ومازالت قضية الآخر تتحدد في نطاقاتها الإشكالية ولم تخرج بعد عن هذا النطاق الإشكالي, ولهذا نجد أن القضية مازالت تدور حول من هو الآخر؟… وكأننا لم نحسم بعد الإجابة الضابطة لهذا الآخر. هذا هو البعد الأول, أما البعد الثاني فيمكن القول أننا جميعاً نمثل موقع الذات من جهة, وموقع الآخر من جهة أخرى. فجميعنا الذات والآخر في نفس الوقت, فمن يمثل موقع الذات في ذاته, يمثل موقع الآخر عند غيره. وهذا يعني أننا ينبغي أن نتمسك بمفهوم الذات ومفهوم الآخر, كما ينبغي أن نطور من قدراتنا بإمكانية العبور من الذات والوصول إلى الآخر, وخلق الفضاء الذي يستطيع أن يتواصل ويحتضن هذا الآخر. والفضاء الذي يغيب عنه الآخر, هو فضاء يفتقد إلى الحركة والفعالية والحيوية المفترضة, وبهذا المعنى يمثل الآخر ضرورة ينبغي الحفاظ عليها والتمسك بها. أما الحوار الذي يغيب فيه الآخر فلا يمكن أن نعطي وصف الحوار مع غيابه, فالحوار لا يتحقق إلا بوجود الآخر, وبدونه ينعدم الحوار. وفي منطق القرآن الكريم نجد أنه يستحضر الآخر بطريقة لا تعطي معنى لهذا الآخر كما في قوله تعال (إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين* ولا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون). يكفي التأمل في هذه الآية لكي نكتشف كيف يمكن أن يكون الآخر في موقع الذات أو في ذات المسافة. كما إنني أتذكر كتاباً لبول ريكور له عنوان لا فت هو (النفس بوصفها الآخر) العنوان الذي يشير إلى تثبيت حقيقة أن الذات يمكن أن تكون هي الآخر, والآخر يمكن أن يكون هو الذات, فجميعنا إذاً هم الذات وهم الآخر في نفس الوقت. نشرت هذه المداخلة بتاريخ الأحد 6 ذو الحجة 1425هـ الموافق 16 يناير 2005م, العدد 14022

زر الذهاب إلى الأعلى