مداخلة حول رؤية المثقف السعودي لمستقبله

(المثقفون السعوديون يرسمون أدوارهم), تحت هذا العنوان نشر ملحق المجلة الثقافية الصادر أسبوعيا عن صحيفة الجزيرة, السعودية تحقيقا أعده الكاتب السعودي الأستاذ أحمد صالح الهلال, وشارك فيه عدد من المثقفين السعوديين, ومنهم الأستاذ زكي الميلاد, وهذا نص مداخلته:
ليس هناك رؤية واضحة يمكن الجزم بها لمستقبل المثقف السعودي, خصوصاً وأن هذا النمط من التساؤلات يعد غائباً, أو لا يشكل هاجساً كبيراً في الكتابات التي ينتجها المثقف السعودي نفسه. وبالتالي فليست هناك كتابات يمكن العودة إليها في الكشف عن مستقبل المثقف السعودي, أو عن فكرة المستقبل في نظر المثقف السعودي.
ويمكن القول أن في السنوات الأخيرة تنامى في وعي المثقف السعودي أهمية أن يسجل حضوره الثقافي والأدبي على مستوى العالم العربي, بعد أن أخذ يستشعر غيابه عن المشهد الثقافي العربي العام, الغياب الذي انعدمت في نظر المثقف السعودي كل مبرراته, وتحول إلى ما يشبه نقداً للذات. وفي هذا النطاق جاءت تجربة مجلة النص الجديد التي حاولت أن تبرز مستوى التطور الجديد في الحركة الثقافية والأدبية السعودية, وفي هذا النطاق أيضاً, جاءت محاولات الكتاب السعوديين في نشر مؤلفاتهم وإبداعاتهم في خارج المملكة. والملاحظ أن هذا الزخم من الانفتاح والتواصل لم يحافظ على وتيرته الحيوية والمتصاعدة حيث حصلت فيها تراجعات, فقد توقفت تجربة النص الجديد في وقت مبكر, وأصبحت الأسماء اللامعة من المثقفين السعوديين التي تتواصل وتتابع في العالم العربي قليلة جداً.
كما أن المشهد الثقافي الوطني تمر عليه منذ سنوات حالة ركود بحيث أن المثقف يجد صعوبة في تحريك هذا المشهد, وبعث الروح فيه, وإعطائه قوة الدينامية المستدامة, فليست هناك حركة أفكار فاعلة في نطاق هذا المشهد, وليست هناك مؤسسات تعتبر فاعلة في هذا المشهد, وأكبر ضعف في هذا الجانب هو غياب الدور الثقافي للجامعات, الغياب الذي ينبغي النظر إليه بعمق شديد خصوصا في هذه المرحلة تحديدا, بالإضافة إلى أن المشهد الثقافي نفسه بحاجة إلى ترميم وبناء الجسور بين أجزائه وأطرافه ومكوناته, ليكون مشهداً ثقافياً متفاعلاً ومنفتحاً ومتواصلاً بين مختلف مكونات المجتمع السعودي.
والخلاصة أن مستقبل المثقف السعودي يرتبط بصورة أساسية ببناء وتفعيل وتطوير المؤسسات الثقافية الأهلية والحكومية, وفي هذا الجانب يتحدد دوره الحقيقي, أو أحد أهم أدواره الحقيقة.
ـ نشر التحقيق بتاريخ الاثنين 5 ربيع الأول 1427هـ 3 أبريل 2006م, العدد 147ـ