31 ـ 12 ـ 2011

تعارف الحضارات في رسالة دكتوراه في تونس

نوقشت في جامعة تونس المعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي, رسالة دكتوراه في العلوم الثقافية, بعنوان: (الصور الثقافية المتبادلة بين العالم الإسلامي والعالم النصراني زمن الحروب الصليبية), من إعداد الباحثة سارة حكيمي, وإشراف الدكتور إبراهيم جدلة, تكونت الرسالة من مقدمة ومدخل عام وأربعة أبواب وخاتمة.


الباب الرابع حمل عنوان: (الصورة الثقافية للآخر ونظرية تعارف الحضارات), وتكون من فصلين, الفصل الأول جاء بعنوان: (ما قبل نظرية تعارف الحضارات) وتناول ثلاثة مباحث هي: المبحث الأول: نظرية نهاية التاريخ, المبحث الثاني: نظرية صدام الحضارات, المبحث الثالث نظرية حوار الحضارات.


وجاء الفصل الثاني بعنوان: (نظرية تعارف الحضارات), وتناول ثلاثة مباحث هي: المبحث الأول: مفهوم نظرية تعارف الحضارات, المبحث الثاني: مفاهيم متعلقة بنظرية تعارف الحضارات والصورة الثقافية, المبحث الثالث: الصورة الثقافية في نماذج من تعارف الحضارات.


وعن كيف تعرفت على نظرية تعارف الحضارات تقول الباحثة في المذكرة التي قدمتها أثناء مناقشة الرسالة (لعل حجم الإشكال في العلاقات القائمة بين الشعوب والأمم قد أصبح جليا مما يستوجب تكاثف الجهود كل من موقعه في ادارك الحلول المجدية للخروج من دائرة الحروب والصراع إلى رحاب السلام والتعايش، بعد تنقيب طويل لا أخفيكم أن الحل الذي تراءى لي بداية كان في حوار الحضارات كبديل حضاري يجلس الأنا والآخر على طاولة للنقاش والتحاور إلا أني وجدت نقائص في هذه الأطروحة فما كان مني ألا إعادة السعي والبحث في حل آخر يمكنه من تقريب الرؤى فأن أتحاور مع آخر لا يعني ضرورة أن أغير صورتي النمطية عنه أو أن يغير صورته النمطية عني بل بالعكس قد يؤدي ذلك إلى التصميم أكثر على المواقف وتبنيها للإقناع بما لدي أو الإقناع بما لديك.


 شعرت بوجود حلقة منقوصة في المسألة، عشتها قبل أن أدرك ماهيتها في لقاء دولي اورومتوسطي بفرنسا خلال سنة 2009، جمع شباب عرب وأوروبيين وتمكننا من التعايش والتناغم إلى أقصى الدرجات رغم أن كل طرف كان حاملا لإطاره الثقافي معه وقدم بأحكام مسبقة عن الآخر.


وجدت رغبة قوية من الفرنسيين والنمساويين والأوروبيين عموما في معرفتنا وكانت الأسئلة تنهال علينا من كل حدب وصوب في ماهيتنا، قناعاتنا، ثقافتنا، دراستنا، معيشتنا، أكلنا.. كل شي وكذلك فعلنا نحن متسائلين عن الكثير من الأشياء، وبصدق اكتشفت إنسانية عميقة على الأقل في من تعرفت إليهم هناك، واكتشفت أمور عن أوروبا والغرب لم أكن أتصورها مما جعلني أعيد التساؤل عن هذا الآخر من يكون؟


وفي الواقع عندما تأملت الأمر، وجدت أن الحوار لم يكن أداتنا الفعلية ولم نتناول فكرا نناقشه بل تناولنا معلومة يشرحها كل حسب معرفته فنتقبلها منه لأننا كنا عطشى للمعرفة وليس للحوار، ثم أتى الحوار في مرحلة لاحقة بالحجة والإقناع، إلا أن المعرفة والتعارف كانتا قناة يسرت الحوار بدرجة كبيرة وجنبتنا الصدام بل بنت فينا رغم قصر المدة تقبل الآخر.


هذه التجربة التي عشتها جعلتني أعاود التفكير مما كان لدي من رصيد معلوماتي عن الآخر وبنى عندي صورة جديدة عنه، ووعيت كيف أن اللقاء التلقائي جعلني اعرفه (أي هذا الآخر) وأعيد تمثله فأعيد إنتاج صورته في متخيلتي من جديد.


وسط هذه التساؤلات أعدت البحث من جديد إلى أن وجدت ضالتي وردت على حاجتي بإطلاعي وتواصلي مع الأستاذ زكي الميلاد، الذي أسس لنظرية جديدة في التفاعلات الحضارية وهي نظرية “تعارف الحضارات” رآها بديلا إسلاميا في علاقات الأمم والحضارات منطلقا من الآية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).


ورايتها حلا مجديا في ملاقاة المتعدد في هذا البحث وبديلا في صياغة أو إعادة صياغة متمثلنا عن الآخر).


والجدير بالإشارة أن الباحثة كانت على تواصل مع الأستاذ زكي الميلاد وتبادلت الرأي معه بشأن نظرية تعارف الحضارات.


تقع الرسالة في (572) صفحة, قياس: A4, ونوقشت بتاريخ 6 ديسمبر 2011م, وبعد المناقشة حصلت الباحثة على درجة مشرف جداً.


 


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى